لماذا لم تنجح شركة HP في مجال الهواتف الذكية أبداً؟
قامت الشركة العالمية أهتش بي بإصدار هاتف ذكي ولكنه لم ينجح في عالم الهواتف الذكية لأسباب عديدة
عند سماع اسم الشركة الأمريكية الشهيرة Hewlett-Packard والتي تعرف اختصاراً باسمها التجاري HP فالمنتج الوحيد الذي يخطر بالبال هو الحواسيب، وبالأخص الحواسيب المحمولة التي تعد الشركة واحدة من أكبر المصنعين العالميين لها مع نجاح كبير لطرازاتها المتوسطة وطراز Spectre خصوصاً.
لكن الشركة التي يبدو تركيزها اليوم منصباً بشكل شبه كامل على الحواسيب المحمولة لم تكن دائماً كذلك، فحتى فترة قريبة كانت تمتلك قطاعاً خاصاً للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
قد يبدو الأمر غريباً بالنسبة لمعظم المهتمين بالتكنولوجيا في الأعوام الأخيرة، لكن الشركة الشهيرة بحواسيبها كانت تصنع الهواتف الذكية والمساعدات الرقمية منذ عام 2004 حيث قدمت عدة أجهزة مركزة اهتمامها على فئة الأعمال بشكل أساسي، لكن مع كون الفئة أصغر من أن تحقق أرباحاً حقيقية، وظهور شركة Apple في مجال الهواتف الذكية عام 2007 مع أول إصدارات هاتف iPhone فالشركة اتخذت منحىً جديداً محاولة تكرار تجربة Apple ولو أنها لم تلاقي أي نجاح يذكر.
كيف حاولت شركة HP تقليد تجربة Apple؟
بالوصول إلى عام 2007 وقبل صدور هاتف iPhone الشهير، فسوق الهواتف الذكية كان متنوعاً بشكل كبير على الرغم من هيمنة شركة Nokia حينها، فالسوق كان يحوي هواتف تعمل بأنظمة Symbian OS وJava S40 وWindows Mobile وWebOS والعديد من الأنظمة الأخرى المتنوعة.
وكانت الحالة العامة حينها أن الهواتف الذكية تقسم إلى مصنع للعتاد مستقل عن مبرمج النظام، فشركات Nokia وMotorola وSony-Ericson وSamsung مثلاً كانت تتولى تصنيع الهواتف بالكامل، ومن ثم تقوم بترخيص منتجاتها للحصول على نظام من إنتاج Symbian أو Microsoft أو Palm.
هذه الاستراتيجية التي لا تزال مستمرة حتى اليوم بالنسبة لمصنعي الهواتف العاملة بنظام Android أو مصنعي الحواسيب التي تعمل بنظام Microsoft Windows كانت شبه وحيدة حينها، لكن ظهور هاتف iPhone غير كل شيء مع نجاحه الباهر وتقديمه لميزات كبرى ولعل أهمها سرعة الأداء الاستثنائية حينها والتي كانت تعزى إلى التوافقية العالية بين العتاد والنظام المصنعين من الشركة نفسها.
هذه التجربة الناجحة ألهمت العديد من الشركات بالاقتداء بها، لكن الشركات الصغيرة لم تكن قادرة على توفير الموارد الكافية مما جعل المحاولات متمثلة بشكل أساسي بمحاولة شركة Nokia لتطوير نظامها الخاص الجديد والذي كان يحمل اسم MeeGo (والذي فشل بشكل كبير وقضى بذلك على آمال الشركة بالعودة لمكانتها السابقة) ومحاولة شركة HP التي اتخذت منحى آخر حيث قامت بشراء شركة Palm ونظامها WebOS على أمل أن تحكمها بصنع العتاد والنظام معاً سيجعلها في مصاف الشركات الكبرى في مجال الهواتف الذكية.
شراء شركة HP لشركة Palm أتى متأخراً نسبياً في عام 2010، حيث بدأت الشركة بإصدار الهواتف والأجهزة اللوحية العاملة بهذا النظام في عام 2011 لكنها لم تحقق أي نجاح أبداً واضطرت لاحقاً لإيقاف المشروع كاملاً. فشل الشركة في مجال الهواتف الذكية يعود إلى عوامل متعددة، سنذكر أهمها هنا:
1- التأخر عن نقطة التحول الأساسية في سوق الهواتف الذكية
لم تقم شركة HP بتقديم هواتفها الجديدة حتى عام 2011 حيث أن النظام الجديد حينها لم يصل حتى عام 2010، هذا الموعد أتى متأخراً بكثير عن فترة مفصلية في تاريخ الهواتف الذكية، فعاما 2007 و2008 كانا قد شهدا إطلاق هاتف iPhone من جهة، وأول هاتف ذكي عامل بنظام Android من الجهة الأخرى. وخلال فترة قصيرة تحولت السيطرة من الهواتف الذكية ذات الأنظمة القديمة مثل Windows Mobile وSymbian إلى الأنظمة الجديدة المهيمنة اليوم وهي Android وiOS.
اختيار الشركة لنظام WebOS لم يكن موفقاً مع كونه قديماً نسبياً من ناحية، وتركيزه على الإدخال التقليدي والعرض البصري التقليدي بدلاً من التصاميم الجديدة والمحسنة للنظامين الناشئين. فبدلاً من ابتكار نظام يسبق معاصريه عمدت الشركة إلى استخدام نظام متأخر عن المنافسين بسنوات من الصعب تعويضها.
2- استخدام تصميم بشاشة صغيرة ولوحة مفاتيح
لا شك بأن الهواتف الموجودة اليوم باتت أنحف من أي وقت مضى مع شاشات أكبر بكثير من السابق، وهذا الاتجاه في تصمم الهواتف بدأ فعلياً منذ عام 2007 تقريباً حيث اتجهت الهواتف للتخلي عن لوحات المفاتيح تماماً مقابل استخدام اللمس كوسيلة الإدخال الأساسية مما يعني شاشة أكبر ضمن تصميم أصغر وأسهل للحمل.
تقديم هاتف ذكي بشاشة منزلقة ولوحة مفاتيح لم يكن خياراً موفقاً من قبل الشركة خصوصاً مع كون الشاشة لا تغطي سوى جزء صغير للغاية من الواجهة، فالشركة المختصة بالحواسيب كانت تركز على كون هاتفها الذكي هاتفاً بالدرجة الأولى، فيما كان تركي الشركات الأخرى على تحويل الهواتف إلى أجهزة ذكية أشبه بحواسيب شخصية مصغرة وأجهزة عرض وسائط مثالية.
3- نقص التطبيقات وغياب وجود متجر
بالنسبة لنجاح الأنظمة الخاصة للهواتف الذكية، فوجود متجر التطبيقات وعدد كبير من التطبيقات والألعاب واحد من الأركان الأساسية، فنظام Windows Phone مثلاً يعاني من انتشار ضعيف للغاية حالياً على الرغم من استقراره وتصميمه الجيد، والعامل الأساسي الذي يلعب ضده هو نقص التطبيقات والألعاب في متجره الذي وإن كان كبيراً نسبياً فهو لا يقارن بكل من متجري App Store الخاص بشركة Apple وPlay Store الخاص بشركة Google.
مقابل مئات الآلاف من التطبيقات المتنوعة للنظامين الأكبر حينها، فنظام WebOS كان يمتلك 8000-10000 تطبيق فقط وفق التقديرات، ومع عدد تطبيقات صغير كهذا وغياب اهتمام المطورين بالنظام أصلاً، فنجاح الهواتف كان أمراً شبه مستحيل في هكذا ظروف.
4- مواصفات متدنية وأداء سيء
بالإضافة لكون الهواتف التي شكلت محاولة عودة شركة HP إلى سوق الهواتف الذكية غريبة الشكل وتستخدم لوحات المفاتيح عوضاً عن شاشات اللمس الكبيرة، فهاتفا Veer وVeer 4G تم إصدارهما كـ "منتجات غير مكتملة" حسب تعبير خبراء التقنية حينها.
فالهاتفان كانا بطيئين عموماً ولا يرقيان للمنافسة حينها، وبالإضافة لذلك فالعديد من المشاكل كانت تواه المستخدمين بشكل دوري ومستمر، وحتى بعد إصدار الشركة لتحديث من المفترض أنه سيحل المشاكل فالعديد منها استمر بالظهور مما جعل المستخدمين مستائين إلى حد بعيد.
5- المنافسة القوية
في عام 2011 ومع صدور هاتف Veer من قبل شركة HP، كانت شركة Apple الأمريكية قد أصدرت أول هواتفها بالتصميم الزجاجي مع إطار معدني: iPhone 4، وبطبيعة الحال فالتصميم الجديد لاقى إقبالاً كبيراً من المستخدمين. العاك نفسه حمل تقديم شركة Samsung لهاتفها S2 والذي كان أول إصدار ناجح على نطاق واسع من سلسلة S ومهد الطريق بعدها لسلسلة تعد واحدة من الأهم في العالم اليوم.
بالمقارنة مع الجهازين الناجحين لعام 2011، فهاتف Veer لم يكن يمتلك أياً من عناصر نجاحهما، فتصميمه كان دون المستوى من ناحية وكان أضعف أداءً وأكثر مشاكل وأقل استقراراً من الخيارات الأخرى المتاحة. وبطبيعة الحال لعب نقص التطبيقات للهاتف الدور النهائي في جعل الهاتف ولاحقه Veer 4G مجرد محاولة فاشلة للوصول إلى سوق الهواتف الذكية من شركة مختصة بالحواسيب.
شركة HP لم تستسلم حالاً بعد فشل تجربتها مع نظام WebOS حيث أنها استمرت بتقديم عدة هواتف وأجهزة لوحية منتقلة لاحقاً إلى نظام Android حيث أصدرت آخر أجهزتها اللوحية عام 2013، وعلى الرغم من أنه كان يدعم نظام Android فاستخدامه لمعالج من نوع Nvidia Tegra 4 لم يجعل منه ذا شعبية، حيث رسم آخر محاولات الشركة الكبرى في مجال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
- [[PropertyDescription]] [[PropertyValue]]