الوشوم الإلكترونية: تحكم بهاتفك الذكي بلمسة على جلدك
العمل على جعل الدارات الإلكترونية مرنة ونحيفة الآن أصبح واقعياً إلى حد بعيد مع إعلان فريق عن اختراعه لأسلوب جديد من بناء اللوحات الإلكترونية في 2017
ما سيرد في هذا المقال سيبدو خيالاً للكثيرين، فهو أشبه بحلم مستقبلي داعب مخيلتنا لمدة طويلة من الزمن. لكن ما كان خيالاً علمياً بالأمس من الممكن أن يضحي حقيقة، و"الوشوم الإلكترونية" التي حققت إنجازاً ثورياً جديداً في عالم التكنولوجيا ربما يغير طريقة تعاملنا مع التقنية والهواتف الذكية بشكل جذري في المستقبل القريب للغاية.
التقنية الجديدة ما تزال تجريبية إلى حد بعيد بطبيعة الحال، وربما تحتاج لسنوات عديدة قبل أن تصل إلى السوق الاستهلاكية العالمية أو أن تصبح مضمنة بشكل واقعي، لكن ما نعرفه حتى الآن يعد بكون التعامل مع الشاشات والأدوات التكنولوجية بالطريقة الحالية غير حصري في وقت قريب للغاية.
تقنية حديثة تسمح بـ "وشم" دارات إلكترونية على جلد الإنسان
مع أن العمل على جعل الدارات الإلكترونية مرنة ونحيفة إلى حد بعيد كان قد بدأ منذ سنوات طويلة، فالأمر الآن أصبح واقعياً إلى حد بعيد مع إعلان فريق بحثي يعمل في جامعة سارلاند الألمانية بالتعاون مع مهندسين من عملاق التقنية Google عن اختراعه لأسلوب جديد من بناء اللوحات الإلكترونية في شهر مارس\آذار من عام 2017.
الاختراع الجديد يتضمن طباعة الدارات بحبر ناقل للكهرباء على ورقة وشوم رقيقة للغاية بحيث أن الشعرة البشرية أسمك منها. هذه الورقة الخاصة من الممكن أن توضع على جلد الإنسان لتلتصق عليه بشكل قوي وتستمر حتى يومين قبل أن تبدأ بالتقشر عن الجلد. فمع كون التقنية ما تزال في مراحلها الأولى فهي لا تزال تجريبية إلى حد بعيد وقصيرة المدى مع أمل العلماء القائمين على البحث بالوصول لطريقة لتثبيتها لمدة أطول أو حتى وضعها تحت بشرة الجلد كما الوشوم العادية.
حتى الآن، تتمثل التقنية بأزرار تعمل باللمس قابلة للإضاءة عند مرور التيار فيها، حيث أن الطموح الأولي هو جعلها مناسبة للاستخدام كأزرار إضافية للتحكم بالهاتف الذكي مثل التحكم بمستوى الصوت وتشغيل وإيقاف بعض الميزات الإضافية كتشغيل وإيقاف البحث عن الشبكات اللاسلكية مثلاً أو ربط السماعات اللاسلكية بالهاتف الذكي أو حتى تشغيل بعض التطبيقات بشكل مباشر بالضغط على منطقة رسمت عليها أيقونة التطبيق التي تضيء بشكل متقطع عند وصول إشعارات مثلاً.
أحلام كبيرة وطموحات غير محدودة
مع أن التقنية لا تزال بمراحلها الأولية والتجريبية للغاية، فالباحثون والعلماء المسؤولون عن الأبحاث الحالية متفائلون بإمكان كون هذه التقنية قابلة للتطبيق على نطاقات أعقد بكثير من الحالية، فالطموحات لا تتوقف على الدارات البسيطة فقط، بل تمتد لصناعة شرائح معقدة ومرنة مثل وحدا المعالجة المركزية ومعالجات الرسوميات وذواكر التخزين العشوائي وحتى وحدات بث واستقبال الإشارات اللاسلكية قابلة للوضع على اليد أو حتى تحت البشرة.
هذه الطموحات قد تجعل تجربة استخدام الهاتف الذكي مختلفة تماماً خلال العقود القادمة، فالبروفيسور كريس هاريسون من جامعة كارنيج ميلون الأمريكية يتنبأ بأن تنتقل الهواتف الذكية إلى هذا الشكل بحلول عام 2050 حيث صرح بالتالي: "في عام 2050 قد تدخل للمتجر وبعد خمس دقائق تخرج منه حاملاً هاتف iPhone 22 على باطن ذراعك".
استخدام هذه التقنية قد يستفيد من تغطية علامات الولادة والشامات (حبوب الخال) لتكون أماكن لأزرار خفية أو أيقونات غير ظاهرة كونها تشكل معالم سهلة التذكر للشخص، كما أن مساحة الجلد الكبيرة قد تكون مورداً أساسياً يدعو للانتقال إلى هذه التقنية في حال تطوير شاشات تستطيع أن تعمل بنفس الطريقة مثلاً.
هل سنرى هذه التقنيات مطبقة في أي وقت قريب؟
مع أن التنبؤ بمسار التكنولوجيا أمر صعب للغاية مع كون الكثير من الأمور والمجالات الواعدة سابقاً قد واجهت عقبات لا يمكن تخطيها بشكل أوقف تقدمها، فالأمر المعروف عن التقنيات التجريبية أنها تحتاج لأعوام طويلة لتصبح جاهزة للاستخدام العام ولتظهر على المنتجات التجارية.
التقنية اليوم لا تزال في مراحلها الأولى، وحتى في حال تقدمت بسرعة وتمكنت من تحقيق ما يبدو مستحيلاً اليوم بأن تجعل الهواتف قابلة للوضع على الساعد أو ضمنه حتى، فالأمر سيحتاج لسنوات طويلة لتحقيقه أولاً ومن ثم القيام بالتجارب المكثفة عليه ودراسة مخاطره المحتملة على المدى البعيد. بعد ذلك سيحتاج المنتج مراحل متعددة من البيع المحدود ودراسة ردود فعل المستخدمين ومن ثم تطويره قبل أن يصبح منتجاً قابلاً للتسويق أصلاً.
في حال سارت الأمور كما هو متوقع دون عقبات كبرى، فالأمر قد يتحول إلى حقيقة خلال عقدين إلى ثلاثة عقود قادمة، ومع أن هذه المدة تبدو طويلة للغاية، فإنتاج تكنولوجيا ثورية إلى هذا الحد البعيد يتطلب تجارباً كثيرة للغاية، وتوقع وصول التكنولوجيا خلال هذه المدة يعد متفائلاً نسبياً حتى.
في حال نجاحها، كيف قد تطبق هكذا تكنولوجيا ثورية؟
على الرغم من أن العلماء يتنبؤون بان تستخدم التقنية لتضمين أنظمة حاسوبية متكاملة باستخدام هذه التقنية، فالأمر يبدو بعيداً عن الواقع من ناحية الطاقة أولاً، كما أن استخدام هاتف ذكي مضمن داخل اليد ليس أمراً عملياً حقاً بل يعد أقل عملية من استخدام الهواتف الذكية بالشكل الذي نقوم به اليوم حتى. وفي حال لم تنتشر النظارات الذكية مثلاً على نطاق واسع، فاستخدام هذه التقنية للهواتف لن يكون مجدياً أو ناجحاً تجارياً حتى.
لكن كون التقنية لا تناسب الهواتف تماماً لا يعني انها لن تفيد في مجالات أخرى، فمع تطويرها بشكلها الحالي قد تفيد في العديد من المهام في المستقبل القريب مع انتشار تكنولوجيا المنازل الذكية، فبجعل الأزرار الموضوعة على الجلد أو ضمنه قابلة للتخصيص من الممكن مستقبلاٌ أن تستخدم هذه التقنية لأمور متعددة من تغيير قنوات التلفاز إلى إغلاق الستائر أو فتح باب المنزل وغيرها من التطبيقات المتعددة، كما أنها قد تكون ممتازة ضمن النظرة الحالية لها للتحكم بمستوى الصوت وربما حتى التحكم بتشغيل الموسيقا والتنقل بين المقطوعات الموسيقية.
في النهاية، حتى مع كون هذه التقنية بعيدة المنال اليوم، ففي حال تطبيقها ستغير العالم ومفهومنا للتكنولوجيا بشكل لا ندركه بعد، وسواء كان تأثيرها الأولي صغيراً أو كبيراً جداً، فالعلوم والتقنيات المستقبلية ستستفيد منها دون شك.
- [[PropertyDescription]] [[PropertyValue]]